سورة طه - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (طه)


        


{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} قرأ أبو عمرو {ننفخ} بالنون وفتحها وضم الفاء لقوله: {ونحشر}، وقرأ الآخرون بالياء وضمها وفتح الفاء على غير تسمية الفاعل، {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ} المشركين، {يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} والزرقة: هي الخضرة: في سواد العين، فيحشرون زرق العيون سود الوجوه. وقيل: {زُرْقًا} أي عميا. وقيل: عطاشا. {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ} أي يتشاورون بينهم ويتكلمون خفية، {إِنْ لَبِثْتُمْ} أي ما مكثتم في الدنيا، {إِلا عَشْرًا} أي عشر ليال. وقيل: في القبور. وقيل: بين النفختين، وهو أربعون سنة؛ لأن العذاب يرفع عنهم بين النفختين. استقصروا مدة لبثهم لهول ما عاينوا. قال الله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} أي يتسارون بينهم، {إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً} أوفاهم عقلا وأعدلهم قولا {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا يَوْمًا} قصر ذلك في أعينهم في جنب ما استقبلهم من أهوال يوم القيامة. وقيل: نسوا مقدار لبثهم لشدة ما دهمهم. قوله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} قال ابن عباس: سأل رجل من ثقيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تكون الجبال يوم القيامة؟ فأنزل الله هذه الآية.
والنسف هو القلع، أي: يقلعها من أصلها ويجعلها هباء منثورا.


{فَيَذَرُهَا} أي: فيدع أماكن الجبال من الأرض، {قَاعًا صَفْصَفًا} أي: أرضا ملساء مستوية لا نبات فيها، والقاع: ما انبسط من الأرض، والصفصف: الأملس.
{لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا} قال مجاهد: انخفاضا وارتفاعا.
وقال الحسن: العوج: ما انخفض من الأرض، والأمت: ما نشز من الروابي، أي: لا ترى واديا ولا رابية.
قال قتادة: لا ترى فيها صدعا ولا أكمة. {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ} أي صوت الداعي الذي يدعوهم إلى موقف القيامة، وهو إسرافيل، وذلك أنه يضع الصور في فيه، ويقول: أيتها العظام البالية والجلود المتمزقة واللحوم المتفرقة هلموا إلى عرض الرحمن.
{لا عِوَجَ لَهُ} أي: لدعائه، وهو من المقلوب، أي: لا عوج لهم عن دعاء الداعي، لا يزيغون عنه يمينا وشمالا ولا يقدرون عليه بل يتبعونه سراعا.
{وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ} أي: سكنت وذلت وخضعت، ووصف الأصوات بالخشوع والمراد أهلها، {فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا} يعني صوت وطء الأقدام إلى المحشر، والهمس: الصوت الخفي كصوت أخفاف الإبل في المشي. وقال مجاهد: هو تخافت الكلام وخفض الصوت.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: تحريك الشفاه من غير نطق. {يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ} يعني: لا تنفع الشفاعة أحدا من الناس، {إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} يعني إلا من أذن له أن يشفع، {وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا} يعني: ورضى قوله، قال ابن عباس، يعني: قال لا إله إلا الله وهذا يدل على أنه لا يشفع غير المؤمن.


{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} الكناية راجعة إلى الذين يتبعون الداعي، أي يعلم الله {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} مَا قَدَّمُوا {وَمَا خَلْفَهُمْ} وما خلفوا من أمر الدنيا.
وقيل: {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} مِنَ الآخِرَةِ {وَمَا خَلْفَهُمْ} من الأعمال.
{وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} قيل: الكناية ترجع إلى ما أي: هو يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، وهم لا يعلمونه. وقيل: الكناية راجعة إلى الله لأن عباده لا يحيطون به علما. {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} ذلت وخضعت، ومنه قيل للأسير: عان. وقال طلق بن حبيب: هو السجود على الجبهة للحي القيوم، {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} قال ابن عباس: خسر من أشرك بالله، والظلم هو الشرك. {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ} قرأ ابن كثير {فلا يخف} مجزوما على النهي جوابا لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ} وقرأ الآخرون {فَلا يَخَافُ} مرفوعا على الخبر، {ظُلْمًا وَلا هَضْمًا} قال ابن عباس: لا يخاف أن يزاد على في سيئاته، لا ينقص من حسناته.
وقال الحسن: لا ينقص من ثواب حسناته ولا يحمل عليه ذنب مسيء.
وقال الضحاك: لا يؤخذ بذنب لم يعمله ولا تبطل حسنة عملها وأصل الهضم: النقص والكسر، ومنه هضم الطعام.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14